القصة الكاملة وراء سقوط العملاق'سيغا'، من قمة السيطرة إلى الانهيار 1995 - قصة وعبرة
فلا أقول أن سوني أطاحت بسيغا، بل أن **سيغا أطاحت بنفسها بنفسها**... وهو درس كبير، وعبرة تدرس عن عملاق سيطر على عالم الألعاب الالكترونية ثم سقط نتيجة تضارب الادراة الداخلي والغرور... **فإياكم والغرور! إياكم والغرور!!!**
كسر احتكار Nintendo
في الثمانينيات، كانت سيطرة عملاق الألعاب الإلكترونية “نيتاندو” في ذروتها، حيث كانت تسيطر على نحو 90% من سوق الألعاب الأمريكي بجهازها الأسطوري NES. وفي هذه الذروة، ظهر لاعب جديد، “سيغا” التي أرادت منافسة “نيتاندو” بجهاز SEGA Genesis ولكنها لم تستطع، حتى طرأ تحول كبير قلب موازين اللعبة. توم كالينسكي (Tom Kalinske)، الرئيس التنفيذي لـ SEGA of America، وضع خطة جريئة تضمت أربعة بنود:
- تخفيض سعر الجهاز.
- إضافة لعبة مجانية إلى صندوق الجهاز (Sonic لاحقًا). ٠ إطلاق حملات تسويقية بغاية الشراسة كشعار: “SEGA does what Nintendon’t” “سيغا تستطيع فعل ما لا تفعله نيتاندو”.
- بناء شخصية أيقونية تنافس شخصية “نيتاندو” الأسطورية “ماريو”، فولدت لاحقاً شخصية أسطورية جديدة اسمها “سونيك Sonic”. وبالرغم من رفض الإدارة اليابانية لخطة “كالينسكي”، وافق الرئيس “ناكاياما” على التجربة بعبارته الشهيرة: “دعوه يجرب”، لتبدأ من هناك ثورة “سيغا” الأسطورية في عالم الألعاب والترفيه…
سونيك… الرمز الذي غيّر المعركة
في عام 1991، أطلقت SEGA لعبتها Sonic the Hedgehog، بشخصية “سونيك” التي جسّدت روح الشباب والسرعة -في وجه شخصية “ماريو - Mario” الهادئة والبطيئة عند “نيتاندو”-. فلاقت رواجاً كبيراً أوصل حصتها من السوق في العام التالي 1992 إلى 55% من السوق الأمريكي، متفوقة على منافسها العملاق Nintendo لأول مرة.
حرب القضايا والإعلام - وتفوق SEGA
بعد صعود “سيغا” الصاروخي في السوق الأمريكي، حاولت “نيتاندو” خنقها بدعاوى قانونية، وضغطت على المطورين لحجب الألعاب عن “سيغا”، لكنها لم تتمكن من ذلك تماماً. ومن ناحية أخرى، تفجرت في عام 1993 أزمة إعلامية كبيرة بسبب لعبة Mortal Kombat، حيث جاءت نسخة Nintendo بلا دماء، بينما صدرت نسخة SEGA بكود سري يظهر الكثير من الدماء والعنف، ما دفع الكونغرس الأمريكي إلى عقد جلسات استماع حول “عنف ألعاب الفيديو” بسبب “سيغا”، وأدى إلى تأسيس نظام تقييم الألعاب ESRB الذي لا يزال معمولاً به حتى يومنا هذا… والنتيجة، شبكة إعلامية كاملة تتحدث عن SEGA يوميًا، وجيل شباب يميل إلى SEGA على حساب Nintendo… فصعدت “سيغا” إلى القمة. ولكن، هل استطاعت الحفاظ عليها؟
بداية الانهيار - أخطاء داخلية قاتلة، ودخول الوحش Sony PlayStation
هنا يبدأ الجزء الأكثر إثارة من قصة SEGA… حيث لم يبدأ سقوطها بسبب المنافسين الخارجيين فحسب، بل كان أكثر من ذلك بسبب SEGA نفسها:
- صراع داخلي بين SEGA اليابان وSEGA أمريكا: في الوقت الذي حققت فيه SEGA America نجاحًا مذهلًا وتفوقت على Nintendo في الولايات المتحدة ، لم يكن الوضع نفسه في اليابان. ومع ذلك، رأت إدارة SEGA اليابان أنها العنضر الاساس في انجاز امريكا، وكانت ترفض—بشكل شبه دائم—أفكار فرع أمريكا، حتى تلك التي أثبتت نجاحها بالأرقام. ومع مرور السنوات، تحوّل الخلاف الإداري إلى حرب صامتة. أرادت “سيغا” الأمريكية التركيز على اللاعبين الشباب وبناء علامة تجارية جريئة، بينما تمسكت “سيغا” اليابان برؤيتها التقليدية مهما كانت النتائج. ووفقاً لشهادات بعض المدراء السابقين، كان بعض المسؤولين في اليابان يؤخرون إطلاق الألعاب في أمريكا عمدًا، حتى لا يبدو فرع أمريكا أكثر نجاحًا. فكانت هذه الانقسامات الداخلية الشرارة الأولى والرئيسية في كتابة قصة الانهيار. -وهو أمر يذكرني بما حصل مع رجل الأعمال اللبناني العالمي المبدع “كارلوس غصن” الذي انقذ شركة السيارات اليابانية “نيسان” من الانهيار، فقابلته ثقافة السيطرة اليابانية بما قابلته من الملاحقات وكيل التهم، بدلاً من اكرامه وتكريمه على إنجازه الكبير-.
- ثلاثة أجهزة في ثلاث سنوات - خطأ استراتيجي قاتل: بين عامي 1992 و1995، ارتكبت SEGA واحدًا من أكبر الأخطاء في تاريخ أجهزة الألعاب الالكترونية، فاغرقت السوق بثلاث أجهزة مختلفة بدلا من التركيز على جهاز واحد قوي:
- SEGA CD – أداء متواضع، ومكتبة ألعاب محدودة
- SEGA 32X – فشل وكارثة مالية على الشركة والمتاجر
- SEGA Saturn – الجهاز الذي حمل بذور النهاية أجهزة مختلفة جعلت اللاعبين في حيرة، هل يشتري “جينيسيس”؟ أم 32؟ أم ينتظر “ساترن”؟ وفي معمعة هذا الاضطراب، بدأ المطورون يفقدون ثقتهم بالشركة. الكثير منهم قالها صراحة: “لا نعرف إلى أين تتجه SEGA… ولن نطور لها المزيد”. وعندما يفقد المطورون الثقة، ويصبح الجهاز بلا مكتبة ألعاب، فإنه يصبح كبراد الماء بلا ماء…
- حادثة معرض E3 1995: أكثر اللحظات شهرة في تاريخ انهيار SEGA، ففي معرض E3 عام 1995، صعد رئيس SEGA America على المسرح ليعلن عن توافر جهاز SEGA Saturn في المتاجر اعتبارًا من اليوم! في محاولة لمباغتة Sony قبل إطلاق PlayStation. لكنها كانت ضربة مؤلمة ارتدّت على SEGA نفسها… حيث لم يتم تبليغ معظم المتاجر الكبرى بهذه الخطوة الكبيرة. فاستيقظوا على خبر أن الجهاز قد صدر فجأة… دون أن يستعدوا أو يحصلوا على مخزون كافٍ. فعم الغضب، وقررت سلاسل كبرى منها Walmart وKB Toys مقاطعة منتجات SEGA. كانت رصاصة في القلب، أطلقتها “سيغا” على نفسها، قبل دخول الوحش Sony بمعركته الكبيرة.
ظهور الوحش: Sony PlayStation
بهدوء، كانت “سوني” تراقب، وتتعلم من أخطاء “سيغا”، حتى قامت بتوجيه ضربتها القاضية. فبعد إعلان SEGA عن جهازها Saturn بسعر 399 دولارًا، صعد رئيس Sony إلى المسرح ليقول كلمة واحدة فقط: “299” وغادر. انفجر الجمهور تصفيقًا، وانهارت ثقة المستهلكين بـSEGA في لحظة واحدة، كانت ضربة اقتصادية، مهينة، ورمزية في تاريخ هذه الصناعة… وبدأت كفة الميزان تميل نهائيًا لصالح PlayStation بمكتبة ألعاب لم تستطع SEGA مواجهتها، فبينما كان Saturn يواجه الصعوبات في جذب المطورين بسبب تعقيده، كانت Sony تستقطب سيلًا من الألعاب الأسطورية:
- Final Fantasy VII
- Resident Evil
- Crash Bandicoot
- Tekken
- Metal Gear Solid
- Gran Turismo فأصبحت PlayStation موطناً للألعاب الكبرى، بينما غرق Saturn في تعقيده وغموضه…
ضربة سوني القاضية: Dreamcast VS PlayStation 2
في عام 1999، حاولت SEGA العودة إلى السوق بجهازها Dreamcast، وكان بالفعل جهازاً جباراً:
- أول جهاز يقدم إنترنت مدمج
- ألعاب مذهلة
- سعر مناسب
- أفكار ابداعية متقدمة فحقق الجهاز مبيعات قوية في بداياته… حتى أعلنت Sony عن جهازها الأسطوري PlayStation 2، ضربتها القاضية والأخيرة “لسيغا”، إذ احتوى جهاز “سوني” على خاصية تشغيل أقراص DVD، فجذب المستهلكين بدلاً من شراء جهاز DVD مستقل باهظ الثمن. لم يستطع Dreamcast الصمود أمام “جهاز ألعاب + مشغل DVD”، لتكتب في عام 2001 نهاية قصة عملاق صناعة أجهزة الألعاب الالكترونية SEGA، بإعلانها رسميًا عن الخروج من هذا السباق.
الدروس المستفادة
انهيار SEGA لم يكن مجرد هزيمة أمام Sony… بل نتيجة مزيج من الغرور الإداري الياباني، والانقسام الداخلي مع إدارة الولايات المتحدة، وهو الذي كان أخطر على “سيغا” من المنافسين الخارجيين نفسهم، بما نتج عنه من رفض—شبه دائم—لأفكار فرع أمريكا الناجحة بسبب طمع السيطرة، وتعمد تأخير فرع أمريكا لكي لا يبدو أكثر نجاحاً، واتخاذ قرارات عشوائية كطرح مجموعة الأجهزة بدلاً من التركيز على منتج قوي يحفظ ولاء المستخدمين، ما جعل “سيغا” هشة أمام ظهور الوحش “سوني”… فلا أقول أن “سوني” أطاحت “بسيغا”، بل أن “سيغا” أطاحت بنفسها بنفسها… وهو درس كبير، وعبرة تدرس عن عملاق سيطر على عالم الألعاب الالكترونية ثم سقط نتيجة تضارب الادراة الداخلي والغرور… فإياكم والغرور! إياكم والغرور!!!
The full story behind SEGA’s collapse – from market dominance to downfall
Breaking Nintendo’s monopoly
In the 1980s, Nintendo stood at the peak of its power, commanding nearly 90% of the U.S. video game market with its legendary NES console. At this height of dominance, a new challenger emerged: SEGA, determined to break Nintendo’s grip with the SEGA Genesis. Initially, the effort fell short—until a bold strategic shift changed the game entirely.
Tom Kalinske, CEO of SEGA of America, devised a daring four-point plan:
- Price cut: Reduce the console’s retail price.
- Bundled value: Include a free game with every unit (later, Sonic the Hedgehog).
- Aggressive marketing: Launch campaigns under the slogan “SEGA does what Nintendon’t.”
- Iconic character strategy: Create a rival to Mario—thus, Sonic was born.
Although SEGA’s Japanese leadership resisted Kalinske’s proposal, President Nakayama famously said, “Let him try.” That decision ignited SEGA’s legendary revolution in gaming and entertainment.
Sonic – the symbol that changed the battle
In 1991, SEGA released Sonic the Hedgehog. Sonic embodied speed, youth, and attitude—directly contrasting Nintendo’s calm, slow-paced Mario. The game became a phenomenon, propelling SEGA’s U.S. market share to 55% in 1992, overtaking Nintendo for the first time.
Legal battles and media storms – SEGA’s ascendancy
Nintendo attempted to stifle SEGA’s rise through lawsuits and developer pressure, but failed to fully contain it. In 1993, controversy erupted over Mortal Kombat: Nintendo’s version was bloodless, while SEGA’s included a secret code unlocking violence. The uproar reached the U.S. Congress, leading to hearings on video game violence and the creation of the ESRB rating system—still in use today.
Ironically, the controversy fueled SEGA’s visibility. Media coverage exploded, and a generation of young players gravitated toward SEGA, pushing the company to the top. But the question remained: could SEGA sustain the top?
The beginning of the end – fatal missteps and the rise of Sony PlayStation
Internal conflict: SEGA Japan vs. SEGA America
While SEGA America was thriving, SEGA Japan struggled. Yet Japanese leadership insisted it was the driving force behind U.S. success, dismissing American strategies—even those proven by numbers. Over time, this tension escalated into a silent war.
SEGA America pushed for bold branding and youth-focused brand, while SEGA Japan clung to tradition. Reports claim Japanese executives even delayed U.S. game releases to prevent America from appearing more successful. These divisions became the first spark of SEGA’s downfall.
(A parallel can be drawn to Carlos Ghosn’s experience at Nissan: despite saving the company, Japanese corporate culture responded with resistance and prosecution rather than recognition.)
Three consoles in three years – a strategic disaster
Between 1992 and 1995, SEGA flooded the market with three different consoles instead of focusing on one strong product:
- SEGA CD: Modest performance and a limited library.
- SEGA 32X: A commercial failure and financial burden.
- SEGA Saturn: The system that carried the seeds of SEGA’s demise.
Consumers were left confused—Genesis, 32X, or Saturn? Developers lost confidence, openly stating: “We don’t know where SEGA is headed, so we won’t develop for them.” Without developer trust, consoles became empty shells.
The E3 1995 disaster
At E3 1995, SEGA America shocked the industry by announcing the Saturn was available immediately. Retailers, unprepared and lacking stock, were furious. Major chains like Walmart and KB Toys retaliated by boycotting SEGA products. It was a self-inflicted wound—just as Sony prepared its strike.
The rise of the beast: Sony PlayStation
Sony observed quietly, learning from SEGA’s mistakes. When SEGA priced the Saturn at $399, Sony’s executive took the stage and simply said: “299.” The crowd erupted. Consumer confidence in SEGA collapsed instantly.
Sony then unleashed a wave of blockbuster titles—Final Fantasy VII, Resident Evil, Crash Bandicoot, Tekken, Metal Gear Solid, Gran Turismo—cementing PlayStation as the home of iconic games. Meanwhile, Saturn struggled with complexity and a shrinking library.
The final blow: Dreamcast vs. PlayStation 2
In 1999, SEGA attempted a comeback with the Dreamcast:
- Built-in internet: The first console to ship with online capability.
- Strong launch lineup: Visually impressive, amazing games.
- Competitive pricing: Attractive entry point for consumers.
- Forward-thinking features: Creative ideas that were ahead.
Early sales were strong. But Sony unveiled the PlayStation 2, a console that doubled as a DVD player. Consumers flocked to it, preferring a “game console + DVD player” over buying separate devices. Dreamcast couldn’t compete. By 2001, SEGA officially exited the hardware business, ending its era as a console giant.
Lessons learned
SEGA’s collapse was not simply Sony’s victory—it was SEGA’s own undoing. Internal arrogance, cultural clashes, and strategic missteps proved more damaging than external competition. By rejecting successful American initiatives, rushing multiple consoles, and alienating developers, SEGA weakened itself long before Sony delivered the final blow.
The lesson is clear: SEGA did not fall because Sony defeated it—SEGA defeated itself. And in business, avoid arrogance! avoid arrogance!!!
